بعد وفاة الشيخ / عبدالله بن صباح ( 1866م – 1891م ) تولى المشيخة من بعده أخاه الشيخ / محمد بن صباح وأول عمل قام به بعد توليه شئون الحكم في الكويت جعل أخيه الشيخ / جراح بن صباح شريكاً له في إدارة شئون الكويت مشاركة غير رسمية ترضية له.
مواصفات الإخوان الثلاثة ( محمد وجراح ومبارك بن صباح ) :
الشيخ / محمد بن صباح : رجل طيب القلب مسالم إلى أقصى حد لا يتعرض بالأذى لأحد كان إذا ترك لا يحرك ساكناً إذا لم يتعرض له أحد ، ومع ذلك كان ضعيف الإرادة مغلوباً على أمره غير ميال لكسب الشهرة وبعد الصيت مقتنعاً بما هو تحت يده لا يطمع بالمزيد على ذلك . ( تاريخ الكويت السياسي – تأليف حسين الشيخ خزعل ) .
الشيخ / جراح بن صباح : كان رجل محباً للمال حريصاً على جمعه والحذر على التفريط به ( نفس المصدر السابق ) .
الشيخ / مبارك بن صباح : كان محباً للمجد إلى درجة الإفراط شجاعاً مقداماً لا يهاب الموت في سبيل العلا كريماً بدرجة التفريط يصرف كل ما قع يده عليه من المال ويتمتع بدهاء ومسايرة الناس ( نفس المصدر السابق ) .
أما عن شلاش بن حجرف وعلاقته بالشيخ / مبارك بن صباح فكان صديقه وخويه أينما ذهب مبارك كان لا يفارقه شلاش حتى أنه كان ينام بفراش مبارك (دليل على قربهم من بعضه) وشاركه معظم غزواته وحروبه ، حتى قتل بمعركة الصريف (1901م) .
أسباب الخلاف بين الشيخ / مبارك وأخويه باختصار :
1) طموح الشيخ / مبارك وبعد نظره دفعه ان يتقدم إلى أخويه من حين لآخر بمشاريع واسعة لأحد لها وقد كان يعاكسانه في كثير منها ولا يعيرانه الانتباه اللازم .
2) لقد ألقى الشيخ / محمد بن صباح مقاليد الحكم جميعها في الكويت إلى يوسف بن عبدالله الإبراهيم حتى صارت له الكلمة العليا في الكويت وانيطت به كافة الأمور المهمة فلمعت شخصيته واختفت أمامها كافة شخصيات آل صباح فلم تكن تسمع لهم كلمة ما لم تقترن أولاً بموافقة يوسف الإبراهيم ورضائه وقد أغضب الشيخ / مبارك هذا الوضع وأثار حماسه .
3) لقد ضيق الشيخان محمد وجراح على الشيخ / مبارك ومنعا عنه المال ورفضا قبول حوالاته وطلباته التي كان يضطر إليها في حالة غزواته حتى اضطر مرة ان يمسك يده عن عائلته لينفق على رجاله وحرسه وقد كان الشيخ / مبارك كل قصده من صرف تلك الأموال ان يتوسع في حدود الكويت في البادية لكي لا تنحصر آمالها كلها في البحر وحده .
( الشعره التي قصمت ظهر البعير ) دخول الشيخ / جراح إلى الأسواق التي كان في وقتها الشيخ / مبارك يبتاع منها حاجياته اليومية على ذمة أخوية فنادى أهلها يحذرهم من إعطاء الشيخ / مبارك أي شيء على حسابهما معلناً لهم أنه لا يملك شيئاً لديهم وان لهم عليه ديون باهظة لا يستطيع القيام بأدائها ثم قال لهم بعد اليوم غير ملزمين بتسديد ما بذمة الشيخ / مبارك من ديون .
في مساء 24 ذي القعدة عام 1313هـ 1895م كان الشيخ / مبارك في داره قد خلا في غرفته الخاصة بنفسه يفكر في ما قد عزم عليه من الأمر الخطير وهو إزاحة أخوية من طريق تقدمه وتحقيق أهدافه نحو المجد .
ولم يكن يبزغ فجر يوم الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة عام 1313م الموافق 17 مارس 1896م حتى نهض مسرعاً وبصحبته ولداه جابر وسالم وأقرب أصدقائه شلاش بن حجرف وابن أخيه فلاح بن هيف بن حجرف بن فرج وثلة من الأخويا منهم سيف بن كمعي الرشيدي وأخيه قرينيس بن كمعى الرشيدي وباتل بن شعف وبعض من العبيد .
حيث انطلقوا جميعاً إلى القصر الذي يسكنه كل من الشيخ / محمد وجراح حيث دخلوا من بوابة القصر بصمت واجتازوا حرم القصر وعبروا جسر يربط بين الحرم وقصر أخويه ، أغلق الباب الذي على الجسر وكان عليه فلاح بن هيف بن حجرف بن فرج حيث شارك بالاستيلاء على البوابة الرئيسية مع الشيخ / سالم بن مبارك وان يقتلوا الحرس الموجودين بصمت تام .
ومن جهة أخرى اتجه الشيخ / مبارك إلى مكان الشيخ / محمد ( غرفة النوم أو السطح ) بحذر وأيقظه من نومه فانتبه الشيخ / محمد مذعوراً لما رأى فوهة بندقية أخيه مصوبة إلى نحره يريد قتله توسل ليصده عن عزمه دون فائدة قائلاً " أخوي أخوي " فأصابته طلقة قاتلة في رأسه . أما الشيخ / جابر مبارك فكان باتجاه عمه الشيخ / جراح مع شلاش بن حجرف فلقاه مستيقظاً وزوجته إلى جنبه مصوب بندقيته تجاه ولكن لم يصبه في تلك اللحظة وثب الشيخ / جراح زوجته باتجاه الشيخ / جابر وتغلبا عليه ولكن شلاش بن حجرف عاجلة بضربه قاتلة من سيفه كفيلة بإنهاء المقاومة .
وكان الجزء الثاني من المهمة هو إلقاء القبض على يوسف الإبراهيم الذي لاذ بالهرب الي العراق حيث كان متواجد في قصر بالصبية حيث علم بمقتل محمد وجراح .
________________________________________
ملاحظة : بعض الروايات من قبل شيبان آل حجرف يؤكدون القصة ولكن مع التحفظ على إقدام شلاش بن حجرف بقتل الشيخ / جراح تلك الليلة ( لسبب من الأسباب ) ولكن يؤكدون وجوده على باب غرفة الشيخ / جراح . والله ما وراء القصد .
رحم الله المسلمين والمسلمات وتغمدهم برحمته
للاطلاع على المصادر : المكتوبة
تاريخ الكويت السياسي ج1 طبعت 1962 تأليف : حسين بن الشيخ خزعل
العجمان وزعيمهم راكان بن حثلين ، تأليف : أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري
الكويت وجاراتها ، تأليف هارولد ديكسون
تاريخ الكويت ، تأليف : عبدالعزيز الرشيد
والعديد من كتب التاريخ التي ذكرت تلك الواقعة دون ذكر الأسماء التي شاركت الشيخ / مبارك بن صباح بتلك الحادثة .